أولاً: رحمته صلى الله عليه وسلم بالكفار في الدنياتتمثل رحمته صلى الله عليه وسلم بالكفار في الدنيا في حياته وفي سيرة خلفائه وأمته بعده في أمور كثيرة، نذكر منها ما تيسر: بداية الصفحة1. حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الخلق أجمعينكان صلى الله عليه وسلم حريصاً على هداية الناس، وقد بذل في سبيل ذلك كل غالٍ ورخيص من أول أمر دعوته إلى أن اختاره الله إلى جواره، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً فجعل الجنادب15 والفراش يقعن فيها وهو ينهيهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم16 عن النار، وأنتم تفلتون من يدي".17ويدل على ذلك دعاؤه لهم بالهداية: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون"، "اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين"، حتى سلاه ربه بقوله: "فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ"18، وبقوله: "إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاء"19.وأنه لم ييأس من هداية عمه أبي طالب وهو في حال الاحتضار، حتى كان آخر كلامه: "على ملة عبد المطلب"، فخرج منه. بداية الصفحة2. اجتهاده في أمر الدعوة وحرصه على ذلكويتمثل ذلك أيضاً في عرضه نفسه على القبائل والوفود، وذهابه إلى الطائف وإلى أسواق العرب، وقال لعلي رضي الله عنه: "لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمر النّعم".20 بداية الصفحة3. حلمه وتحمله لجفاء وغلظة الأعراب الجفاةتتمثل رحمته صلى الله عليه وسلم بالكفار أصدق تمثيل في صبره وحلمه عن أولئك الأعراب الغلاظ الجفاة حال شركهم.عن أنس رضي الله عنه قال: "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد غليظ الحاشية، فجبذه أعرابي بردائه جبذة شديدة حتى أثرت حاشية البرد في صفحة عنقه، ثم قال: يا محمد، احمل لي على بعيري هذين من مال الله الذي عندك21، فإنك لا تحمل لي من مالك، ولا من مال أبيك. فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: المال مال الله، وأنا عبده. ثم قال: ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي؟ قال: لا. قال: لِمَ؟ قال: لأنك لا تكافئ بالسيئة السيئة. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أمر أن يحمل له على بعير شعير وعلى الآخر تمر".جاءه زيد بن سعنة22 قبل إسلامه يتقاضاه ديناً عليه، فجبذه ثوبه عن منكبه وأخذ بجامع ثيابه، وأغلظ له، ثم قال: إنكم يا بني عبد المطلب مطل. فانتهره عمر، وشدد له في القول، والنبي صلى الله عليه وسلم يتبسم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا وهو كنا إلى غير هذا منك أحوج يا عمر، تأمرني بحسن القضاء، وتأمره بحسن التقاضي. ثم قال: لقد بقي من أجله ثلاث. وأمر عمر يقضيه ماله، ويزيده عشرين صاعاً لما رَوَّعه.وكان هذا الحلم والرفق سبب إسلامه، وذلك أنه كان يقول: "ما بقي من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها من محمد، إلا اثنتين لم أخبرهما: يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل إلا حلماً، فاختبرته بهذا فوجدته كما وصف".23 بداية الصفحة4. عدم دعائه عليهم، بل كان يدعو للكفار بالهدايةكذلك من رحمته صلى الله عليه وسلم أنه لم يدع على المشركين على الرغم من أذاهم له وتضييقهم عليه وعلى أصحابه، وإخراجه من داره ومحاولة قتله.كان كثيراً ما يقول: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون".وروى البيهقي في شعب الإيمان مرسلاً: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه شقاً شديداً، وقالوا: لو دعوت عليهم، فقال: إني لم أبعث لعاناً، ولكن بعثت داعياً ورحمة، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون".وعندما طلب منه الطفيل بن عمرو الدوسي أن يدعو على دوس قال: "اللهم اهد دوساً وائت بهم. بداية الصفحة5. عفوه صلى الله عليه وسلم عمن سمه، وسحره، وأراد قتلهلما تصدى له غورث بن الحارث ليفتك به صلى الله عليه وسلم وهو منتبذ تحت شجرة وحده قائلاً والناس قائلون في غزاة24، فلم ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو قائم والسيف صلتاً في يده. فقال: ما يمنعك مني؟ فقال: الله. فسقط السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: من يمنعك مني؟ قال: كن خير آخذ. فتركه وعفا عنه، فجاء إلى قومه فقال: "جئتكم من خير الناس"25، فأسلم وحسن إسلامه.وعفوه صلى الله عليه وسلم عن اليهودية التي سمته بخيبر، وهي زينب بنت الحارث بن سلام، أخت مرحبا اليهودي، في شاة، وركزت السم في كتفها عندما علمت أنه يحبه، واعترفت فعفا عنها.26كذلك عفوه صلى الله عليه وسلم عن لبيد بن الأعصم، يهودي من بني زريق، الذي سحره وأعلمه بذلك جبريل عليه السلام.27 بداية الصفحة6. عفوه عن إمام الكفر والنفاق عبد الله بن أبي بن سلولوقد تكرر أذاه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل لم يكتف بالعفو، فقد قابل هذا الأذى بالإحسان، معللاً ذلك: "لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه"، وذلك لأنه كان متظاهراً بالإسلام.28 بداية الصفحة7. رده لملك الجبال عندما استأذنه أن يطبق على مشركي مكة الأخشبينقائلاً: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا شريك له".عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال29، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام، فناداني فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، فما شئتَ، إن شئتَ أطبقت عليهم الأخشبين30. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً".31 بداية الصفحة8. من رحمته بالكفار حسن معاملته لجيرانه الكفار، وعيادتهم إذا مرضوا، والحرص على إسلامهم، وفرحه بذلكعن أنس رضي الله عنه قال: "كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم. فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم. فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار".32 بداية الصفحة9. ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالكفار شرع الجهاد لإنقاذهم به من النارفالجهاد رحمة للمؤمنين إذ لهم فيه إحدى الحسنيين، الشهادة أم الغنائم، وبالنسبة للكفار فرحمته بهم بدعوتهم للإسلام وإنقاذهم من النار، فمن الناس من يقاد إلى الجنة بالسلاسل، ولهذا قال تعالى: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ"33، فترك المسلمين للجهاد فيه ظلم وغبن لأنفسهم ولهؤلاء الكفار.خرج البخاري في صحيحه34 بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل"، وفي رواية لأبي داود: "يقادون إلى الجنة بالسلاسل".وعنه رضي الله عنه في البخاري35 قال: "خير الناس للناس يأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الجنة"، أي يؤسرون، ويقيدون، ثم يسلمون، فيدخلون الجنة.قال ابن الجوزي: (معناه أنهم أسروا، وقيدوا، فلما عرفوا صحة الإسلام دخلوا طوعاً، فدخلوا الجنة، فكان الإكراه على الأسر والتقييد هو السبب الأول).36وقال الحافظ ابن حجر في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: "عجب الله..": (ونحوه ما أخرجه عن طريق أبي الطفيل رفعه: "رأيت ناساً من أمتي يساقون إلى الجنة في السلاسل كرهاً"، قلت: يا رسول الله، من هم؟ قال: قوم من العجم يسبيهم المهاجرون فيدخلون في الإسلام مكرهين").37 بداية الصفحة10. ومن رحمة الإسلام ورسوله بالكفار الكتابيين أنه لا يكره أحدهم على الدخول في الإسلام بعد أن يدعى إليه، وتزال عنه الشبهإن أراد أن يبقى على ما كان عليه شريطة أن يعطي الجزية عن يد وهو صاغر، قال تعالى: "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"38.ما ذكرناه هو أحد تأويلات الآية، والراجح والله أعلم أن هذه الآية نسخت بآيات الجهاد.أما ما ذهب إليه بعض المتفلتين عن الدين أن المراد بالآية إباحة الردة عن الإسلام لمن دخل فيه فهذا قول باطل منكر لم يقل به أحد ممن يقتدى به. بداية الصفحة11. ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالكفار المساواة والعدل بينهم وبين المسلمين في الحقوق والواجباتولهذا قال الله مخاطباً رسوله عندما جاءه وفد نجران: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"39. بداية الصفحة12. ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بمن كفر به تأمينهم مما لحق كفار الأمم السابقة من تعجيل العذاب بالخسف، والغرق، ونحو ذلكقال تعالى: " فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"40.قال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: "كان محمد رحمة لجميع الناس، فمن آمن به وصدق به سعد، ومن لم يؤمن به سلم مما لحق الأمم من الخسف والغرق".41 بداية الصفحة13. ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالكفار وصيته لأمراء الجيش بالبدء بالدعوة، والنهي عن الغدر، والتمثيل، وقتل النساء والولدان والرهبان غير المحاربينروى مسلم في صحيحه42 عن بريدة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أوسرية أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال، أوخلال، فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم، وكف عنهم.ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم". بداية الصفحة14. وعلى هذه الرحمة سار خلفاؤه وأصحابه من بعدهقال أبو عبيد43: حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه وعن هشام بن حكيم بن حزام أنه مر على قوم يعذبون في الجزية بفلسطين، فقال هشام: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا".وروى كذلك أبو عبيد بسنده عن جبير بن نفير عن أبيه: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي بمال كثير – أحسبه قال من الجزية – فقال: إني لأظنكم قد أهلكتم الناس؟ قالوا: لا، والله، ما أخذنا إلا عفواً صفواً. قال: بلا سوط ولا نوط؟ قالوا: نعم. قال: الحمد لله الذي لم يجعل ذلك على يدي ولا في سلطاني".44وروى بسنده أيضاً قال: "استعمل علي بن أبي طالب رجلاً على عكبراء، فقال له على رؤوس الملأ: لا تدعن لهم درهماً من الخراج. قال: وشدد عليه القول، ثم قال: القني عند انتصاف النهار، فأتاه فقال: إني كنت أمرتك بأمر، وإني أتقدم إليك الآن، فإن عصيتني نزعتك، لا تبيعن لهم في خراجهم حماراً، ولا بقرة، ولا كسوة شتاء ولا صيف، وارفق بهم، وافعل بهم وافعل بهم".45وروي أن علياً رضي الله عنه كان يأخذ الجزية من كل ذي صنعة، من صاحب الإبر إبراً، ومن صاحب المسان مسان، ومن صاحب الحبال حبالاً"46، وهذا من باب الرفق بهم، حيث لم يكلفهم إحضار الدراهم والدنانير.وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة عامله على البصرة، فكان مما جاء في كتابه.. ثم انظر من قبلك من أهل الذمة، من قد كبرت سنه، وولت عنه المكاسب، وضعفت قوته، فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه، فلو أن رجلاً من المسلمين كان له علوك كبرت سنه، وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب كان من الحق عليه أن يقوته حتى يفرق بينهما موت أوعنق، وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه مر بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس، فقال: ما أنصفناك، إن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في كبرك! قال: ثم أجرى عليه من بيت المال).47 بداية الصفحةثانياً: رحمته صلى الله عليه وسلم بالكفار في الآخرة1. تتمثل رحمة رسولنا صلى الله عليه وسلم بالكفار والمشركين في الآخرة في شفاعته الكبرى التي خص بها دون سائر الأنبياء، والتي اعتذر عنها أولو العزم من الرسل: آدم، وإبراهيم، ونوح، وموسى، وعيسى عليهم السلام، فقال: أنا لها.فكل الخلق يستفيدون من هذه الشفاعة مما لاقوا من شدة المحشر، حتى أنهم يتمنون الخروج من المحشر ولو إلى النار، فيشفع فيهم الشافع المشفع، فيأتي الرب سبحانه للفصل بين الخلائق.2. وتتمثل كذلك رحمته بأمة الدعوة من الكفار بأن أحداً من الناس كافراً كان أومسلماً لا يدخل ناراً ولا جنة حتى يقتص له ممن ظلمه، إذ قوام هذا الدين العدل.هذا قليل من كثير، وغيض من فيض من الأمثلة على رحمته صلى الله عليه وسلم بالكفار والمشركين، إذ لم يكن هدفنا الإحاطة بذلك والاستقصاء، وإنما هدفنا التمثيل والإشارة.من العجيب الغريب أن تقابل هذه الرحمة بالكفر، والجحود، والإنكار، والتشكيك في رسالته صلى الله عليه وسلم وفي عمومها من قبل الكفار، بل وتعدى ذلك إلى السب والشتم والانتقاص لمقامه صلى الله عليه وسلم من عدد من شرائح هؤلاء القوم، بدءاً بالبابا كبيرهم الذي علمهم السحر، ومروراً ببعض من يسمى ظلماً وعدواناً بالمفكرين والمعلمين، وانتهاءً بسفلة الرسامين والفنانين.وأعجب من هذا كله ألا يفطن هؤلاء الكفار إلى هذه الرحمة المهداة التي شملتهم وهم من ألد أعداء هذا الدين، وأضحى همهم القضاء عليه، وإزالته من الوجود – خاب فألهم – بينما تفطن لذلك بعض العجماوات.عن عبد الله بن جعفر قال: "أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسر إليَّ حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً، أوحائش نخلاً، قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار، فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذِفراه48، فسكت، فقال: من رب هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله! فقال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟! فإنه شكا أنك تجيعه وتدئبه49".50ليس لهذا كله مبرر سوى عدم التوفيق والشقاء السابق لهؤلاء في القدر، فنعوذ بالله من الخذلان ومن عمى القلوب وصمم الآذان الصاد عن معرقة الحق، والمانع من جلاء الأفهام.فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين، وعلى من سار على نهجهم إلى يوم الدين.
2 مشترك
"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" رحمته صلى الله عليه وسلم بأمة الدعوة: الكفار
جاكى شان- :: عضــو مـــولــع ::
عدد الرسائل : 563
نقــاط : 55279
العمر : 28
البــلد : you
المدينــة : elegen
sms :
تاريخ التسجيل : 26/04/2010
- مساهمة رقم 1
"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" رحمته صلى الله عليه وسلم بأمة الدعوة: الكفار
Mo7a- ¨°• مراقبـة •°¨
عدد الرسائل : 10912
نقــاط : 71118
العمر : 38
البــلد : دمياط
المدينــة : دمياط
sms : الحب هو الحياه
تاريخ التسجيل : 29/09/2009
- مساهمة رقم 2
رد: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" رحمته صلى الله عليه وسلم بأمة الدعوة: الكفار
الصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، وعلى
آله وصحبه الطاهرين الطيبين، وعلى من سار على نهجهم إلى يوم الدين
آله وصحبه الطاهرين الطيبين، وعلى من سار على نهجهم إلى يوم الدين