كتبت: آمال عويضة
في تساؤل يعيد للأذهان الاسئلة الوجودية الشهيرة كأمثولة: البيضة والفرخ, يتكرر السؤال نفسه في العراق يوميا عن المسئول عما يحدث من عمليات خطف وقتل ذات طابع همجي.
أمام إصرار الجماعات المسلحة ذات ألوان الطيف السياسي علي نحر ضحاياها المدنيين بغض النظر عن جنسياتهم والقاء اللوم في الوقت نفسه علي الجيش العراقي وقوات الاحتلال( وعلي رأسها القوات الامريكية والبريطانية), لتقاعسهم في التعامل مع ملف المخطوفين, بينما تلقي الحكومة العراقية وجيشها وشرطتها والعالم الخارجي باللوم علي الجماعات المسلحة واصفة إياها بالوحشية والبربرية جراء عمليات الخطف المنظمة التي تتم غالبا للضغط علي الداخل العراقي والخارج الدولي لتنفيذ طلبات تلك الجماعات ـ في حال اعلانها ـ وعلي رأسها خروج قوات الاحتلال.
لقد شهدت العراق منذ بداية العمليات العسكرية علي أراضيها وسقوط بغداد في أبريل2003, المآسي الواحدة تلو الآخري نتيجة خطف ابرياء ومدنيين من العراقيين والعرب والاجانب ممن جاءت نهاية غالبيتهم بصورة أقرب للملهاة السوداء علي أيدي مختطفيهم دون مفاوضات أو مطالب كما في مقتل الدبلوماسي المصري إيهاب الشريف والبريطانية مرجريت حسن موظفة الاغاثة التي عاشت30 عاما في بغداد مع زوجها العراقي, وتعد سابقة قطع رأس الرهينة الامريكي نك بيرج في مايو2004 في حضور أبي مصعب الزرقاوي أولي حلقات مسلسل الرعب للمخطوفين في العراق والتي قيل انها جاءت ردا علي سوء معاملة السجناء العراقيين.
أما آخر تلك المآسي فهو ما كشفت عنه قبل أيام صحيفة الصنداي تايمز البريطانية عن انتحار أحد المخطوفين الخمسة في العراق ويدعي جاسون في25 مايو الماضي, قبل أيام من مرور نحو العام علي اختطافه في29 مايو قبل الماضي. وكان نحو40 مسلحا ينتمون لجماعة تطلق علي نفسها اسم المقاومة الشيعية في العراق قد اختطفوا أربعة موظفين بريطانيين يعملون كمرافقين أمن ومعهم خبير بالتكنولوجيا والمعلومات, ومن داخل وزارة المالية العراقية في واحدة من اجرأ عمليات الخطف في العراق منذ بدء العمليات العسكرية.
وكان الخاطفون قد هددوا بقتل أحد المخطوفين كانذار أول للحكومة البريطانية إلا اذا غادرت قوات الجيش البريطاني في غضون10 أيام, في الوقت الذي أكدت فيه الخارحية البريطانية ـ وقتئذ ـ اجراءها لمحادثات تهدف لاطلاق سراح المخطوفين دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
ومرت الشهور مجللة بالصمت حتي فجرت جريدة الصنداي تايمز قضية انتحار أحد المخطوفين, في الوقت الذي لم يتم الكشف فيه عن مصير زملائه وكان آلان أحد المخطوفين قد ظهر في شريط الفيديو الذي حصلت عليه الجريدة معبرا عن متاعبه الصحية والنفسية ومطالبا حكومته بسرعة التحرك, في الوقت الذي أكد فيه الوسيط الذي قام بنقل الشريط إلي الصحيفة أن الخاطفين لن يقدموا أي أدلة او معلومات إلا بعد قبول الحكومة البريطانية بالتفاوض من اجل التدخل للافراج عن9 من السجناء العراقيين الذين تم القاء القبض عليهم بواسطة جنوبا بريطانيين في جنوب البصرة, وإيداعهم أحد المعسكرات الامريكية بالعراق.
علي جانب آخر, أعلن مسئولون بريطانيون عن عدم قدرتهم علي التأكد من صحة خبر انتحار المخطوف جاسون لفقدهم سبل الاتصال بالخاطفين, مع تأكيدهم أنهم يفعلون كل ما في وسعهم لاطلاق سراح المخطوفين في أطول عملية خطف عرفها رعايا بريطانيون في السنوات الماضية, وكان جوردون براون رئيس الوزراء البريطاني قد ناقش مصير المخطوفين مع نظيره العراقي نور المالكي, وطالب بالافراج عن المخطوفين في الحال لانهم عانوا بما فيه الكفاية علي حد قوله.
وعلي الرغم من الاهتمام الذي توليه وسائل الاعلام الدولية للمخطوفين الاجانب في العراق, يبدو الأمر وكأنه يخضع لسياسة الكيل بمكيالين, وذلك فيما يتعلق بأمور خطف وقتل العراقيين التي تتم بصورة شبه يومية يذهب ضحيتها أساتذة جامعيون وإعلاميون وطلاب وموظفو دولة وأناس بسطاء وعاديون مدموغون بانتماء طائفي بعينه لدرجة اتسمت معها تلك الاخبار بالاعتيادية والصيرورة في الوقت الذي تقوم فيه الدنيا ولاتقعد بسبب خطف الاجانب وقتلهم مما يدفعنا للقول بسوء حظ السكان المحليين الذين يتحولون إلي أرقام وصور في نشرات الاخبار أويتم دفنهم بعد التمثيل بجثثهم في بعض الاحيان في مقابر جماعية مجهولة يتم العثور عليها بالمصادفة.
واللافت للنظر تبرير البعض مايحدث في ضوء نظرية المؤامرة بالتركيز علي البعد الطائفي وحده, إذ في الوقت الذي يتعرض فيه مسيحيو العراق من السريان والآشوريين والكلدانيين وكذلك الاقليات الدينية الاخري لعمليات خطف وقتل مماثلة, فان بعض المتشددين الاسلاميين يؤكد تزايد عمليات خطف الرهائن السنة وحدهم علي يد الشيعة والبعثيين بالاضافة إلي أفراد الموساد الاسرائيلي بغرض تشويه صورة الاسلام والمسلمين!
وكما يقول المثل العربي: بين حانا ومانا ضاعت لحانا إذ إنه بين الشعارات الجهادية البراقة للخاطفين وادعاء الاهتمام من المتابعين داخليا وخارجيا, لم يحدث تغير يذكر في الوضع العراقي الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم بين حكومة خرساء, واحتلال أصم ومعارضة مسلحة عمياء الذين يتنصلون من تحمل مسئولية ما يحدث في الداخل العراقي الذي يحمل عن جدارة لافتة لم ينجح أحد.
في تساؤل يعيد للأذهان الاسئلة الوجودية الشهيرة كأمثولة: البيضة والفرخ, يتكرر السؤال نفسه في العراق يوميا عن المسئول عما يحدث من عمليات خطف وقتل ذات طابع همجي.
أمام إصرار الجماعات المسلحة ذات ألوان الطيف السياسي علي نحر ضحاياها المدنيين بغض النظر عن جنسياتهم والقاء اللوم في الوقت نفسه علي الجيش العراقي وقوات الاحتلال( وعلي رأسها القوات الامريكية والبريطانية), لتقاعسهم في التعامل مع ملف المخطوفين, بينما تلقي الحكومة العراقية وجيشها وشرطتها والعالم الخارجي باللوم علي الجماعات المسلحة واصفة إياها بالوحشية والبربرية جراء عمليات الخطف المنظمة التي تتم غالبا للضغط علي الداخل العراقي والخارج الدولي لتنفيذ طلبات تلك الجماعات ـ في حال اعلانها ـ وعلي رأسها خروج قوات الاحتلال.
لقد شهدت العراق منذ بداية العمليات العسكرية علي أراضيها وسقوط بغداد في أبريل2003, المآسي الواحدة تلو الآخري نتيجة خطف ابرياء ومدنيين من العراقيين والعرب والاجانب ممن جاءت نهاية غالبيتهم بصورة أقرب للملهاة السوداء علي أيدي مختطفيهم دون مفاوضات أو مطالب كما في مقتل الدبلوماسي المصري إيهاب الشريف والبريطانية مرجريت حسن موظفة الاغاثة التي عاشت30 عاما في بغداد مع زوجها العراقي, وتعد سابقة قطع رأس الرهينة الامريكي نك بيرج في مايو2004 في حضور أبي مصعب الزرقاوي أولي حلقات مسلسل الرعب للمخطوفين في العراق والتي قيل انها جاءت ردا علي سوء معاملة السجناء العراقيين.
أما آخر تلك المآسي فهو ما كشفت عنه قبل أيام صحيفة الصنداي تايمز البريطانية عن انتحار أحد المخطوفين الخمسة في العراق ويدعي جاسون في25 مايو الماضي, قبل أيام من مرور نحو العام علي اختطافه في29 مايو قبل الماضي. وكان نحو40 مسلحا ينتمون لجماعة تطلق علي نفسها اسم المقاومة الشيعية في العراق قد اختطفوا أربعة موظفين بريطانيين يعملون كمرافقين أمن ومعهم خبير بالتكنولوجيا والمعلومات, ومن داخل وزارة المالية العراقية في واحدة من اجرأ عمليات الخطف في العراق منذ بدء العمليات العسكرية.
وكان الخاطفون قد هددوا بقتل أحد المخطوفين كانذار أول للحكومة البريطانية إلا اذا غادرت قوات الجيش البريطاني في غضون10 أيام, في الوقت الذي أكدت فيه الخارحية البريطانية ـ وقتئذ ـ اجراءها لمحادثات تهدف لاطلاق سراح المخطوفين دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
ومرت الشهور مجللة بالصمت حتي فجرت جريدة الصنداي تايمز قضية انتحار أحد المخطوفين, في الوقت الذي لم يتم الكشف فيه عن مصير زملائه وكان آلان أحد المخطوفين قد ظهر في شريط الفيديو الذي حصلت عليه الجريدة معبرا عن متاعبه الصحية والنفسية ومطالبا حكومته بسرعة التحرك, في الوقت الذي أكد فيه الوسيط الذي قام بنقل الشريط إلي الصحيفة أن الخاطفين لن يقدموا أي أدلة او معلومات إلا بعد قبول الحكومة البريطانية بالتفاوض من اجل التدخل للافراج عن9 من السجناء العراقيين الذين تم القاء القبض عليهم بواسطة جنوبا بريطانيين في جنوب البصرة, وإيداعهم أحد المعسكرات الامريكية بالعراق.
علي جانب آخر, أعلن مسئولون بريطانيون عن عدم قدرتهم علي التأكد من صحة خبر انتحار المخطوف جاسون لفقدهم سبل الاتصال بالخاطفين, مع تأكيدهم أنهم يفعلون كل ما في وسعهم لاطلاق سراح المخطوفين في أطول عملية خطف عرفها رعايا بريطانيون في السنوات الماضية, وكان جوردون براون رئيس الوزراء البريطاني قد ناقش مصير المخطوفين مع نظيره العراقي نور المالكي, وطالب بالافراج عن المخطوفين في الحال لانهم عانوا بما فيه الكفاية علي حد قوله.
وعلي الرغم من الاهتمام الذي توليه وسائل الاعلام الدولية للمخطوفين الاجانب في العراق, يبدو الأمر وكأنه يخضع لسياسة الكيل بمكيالين, وذلك فيما يتعلق بأمور خطف وقتل العراقيين التي تتم بصورة شبه يومية يذهب ضحيتها أساتذة جامعيون وإعلاميون وطلاب وموظفو دولة وأناس بسطاء وعاديون مدموغون بانتماء طائفي بعينه لدرجة اتسمت معها تلك الاخبار بالاعتيادية والصيرورة في الوقت الذي تقوم فيه الدنيا ولاتقعد بسبب خطف الاجانب وقتلهم مما يدفعنا للقول بسوء حظ السكان المحليين الذين يتحولون إلي أرقام وصور في نشرات الاخبار أويتم دفنهم بعد التمثيل بجثثهم في بعض الاحيان في مقابر جماعية مجهولة يتم العثور عليها بالمصادفة.
واللافت للنظر تبرير البعض مايحدث في ضوء نظرية المؤامرة بالتركيز علي البعد الطائفي وحده, إذ في الوقت الذي يتعرض فيه مسيحيو العراق من السريان والآشوريين والكلدانيين وكذلك الاقليات الدينية الاخري لعمليات خطف وقتل مماثلة, فان بعض المتشددين الاسلاميين يؤكد تزايد عمليات خطف الرهائن السنة وحدهم علي يد الشيعة والبعثيين بالاضافة إلي أفراد الموساد الاسرائيلي بغرض تشويه صورة الاسلام والمسلمين!
وكما يقول المثل العربي: بين حانا ومانا ضاعت لحانا إذ إنه بين الشعارات الجهادية البراقة للخاطفين وادعاء الاهتمام من المتابعين داخليا وخارجيا, لم يحدث تغير يذكر في الوضع العراقي الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم بين حكومة خرساء, واحتلال أصم ومعارضة مسلحة عمياء الذين يتنصلون من تحمل مسئولية ما يحدث في الداخل العراقي الذي يحمل عن جدارة لافتة لم ينجح أحد.